هاني الفردان -
يكمل المعتقل الكفيف علي سعد في الرابع عشر من
مايو/ أيار 2014 عاماً كاملاً في الحبس الاحتياطي، من دون أن يتم إنهاء معاناته الصحية،
أو محاكمته، وفقاً للإجراءات القانونية.
اعتقل الكفيف علي سعد في فجر الرابع عشر من مايو
2013 بعد أن قامت قوات الأمن بمداهمة منازل في منطقة الديه، ومنذ ذلك اليوم يتكرر بين
الحين والآخر مشهد تجديد حبسه الاحتياطي ما بين 60 يوماً أو 45 يوماً حتى قاربت مدة
حبسه احتياطياً عاماً كاملاً، مع التجديد الأخير الصادر بحقه يوم الأربعاء (9 أبريل/
نيسان 2014) ولمدة 45 يوماً جديدة.
في العرف القانوني، والذي لا يرد في القانون
البحريني فإن «الحبس هو تدابير احترازية شأنها تقييد حرية المتهم أثناء فترة التحقيق
الابتدائي الذي تقوم به النيابة العامة أو أثناء فترة المحاكمة».
يعتبر الحبس الاحتياطي استثناءً على الأصل العام
في افتراض براءة المتهم بحسب الفقرة (ج) من المادة (20) من دستور البحرين.
أكدت المادة (148) من قانون الإجراءات الجنائية
أنه «(...) وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي على ستة شهور ما
لم يكن المتهم قد أعلن بإحالته إلى المحكمة المختصة قبل انتهاء هذه المدة (...)».
تلك المادة تعني بوضوح أن لا سقف زمنياً للحبس
الاحتياطي في البحرين، وتنتقل صلاحية مدة الحبس الاحتياطي من عضو النيابة العامة إلى
قاضي المحكمة الصغرى إلى المحكمة الجنائية الكبرى، ومحكمة الموضوع التي تنظر في الدعوى
الجنائية بعد إحالتها من النيابة العامة إلى المحكمة.
عام كامل يرزح كفيف، ومن ذوي الاحتياجات الخاصة
في التوقيف، في حالة تتناقض وحق الإنسان في الحرية، ومبدأ أن «المتهم بريء حتى تثبت
إدانته».
النص القانوني واضح بشأن الحبس الاحتياطي، فهو
يحظر أن تتجاوز المدة 6 أشهر، إلا في حالة أن تكون القضية قد أحيلت إلى المحكمة المختصة
(الموضوعية) التي تنظر في القضية وتصدر الحكم، وهذا ما لم يحدث حتى الآن في قضية الكفيف،
وبتأكيدات المحامي محمد الجشي، وبشكل أكثر دقة فإن حبس الكفيف احتياطياً تجاوز 6 أشهر،
ولم يُحَلْ إلى المحكمة المختصة قبل انتهاء المدة المقررة قانوناً.
النائب العام علي فضل البوعينين في حديثه عن
المعايير والضمانات الدولية للمحاكمة العادلة جسد حق المتهم في سرعة المحاكمة باستناده
إلى حكمة قائمة تقول إن «العدالة البطيئة نوع من الظلم»، فهل بقاء متهم كفيف من ذوي
الاحتياجات الخاصة عاماً كاملاً رهين الحبس الاحتياطي يمكن أن يجسد أيضاً ذلك المعنى
الذي أورده البوعينين عن أن «العدالة البطيئة ظلم»!
نصت المادة (9) من العهد الدولي للحقوق المدنية
والسياسية على أن «يقدم الموقوف أو المعتقل بتهمة جزائية، سريعاً، إلى أحد القضاة أو
أحد الموظفين المخولين قانوناً مباشرة وظائف قضائية، ويكون من حقه أن يحاكم خلال مهلة
معقولة أو أن يفرج عنه. ولا يجوز أن يكون احتجاز الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو
القاعدة العامة. ولكن من الجائز تعليق الإفراج عنهم على ضمانات لكفالة حضورهم المحاكمة
في أية مرحلة أخرى من مراحل الإجراءات القضائية، ولكفالة تنفيذ الحكم عند الاقتضاء».
بالعودة إلى النائب العام الذي يؤكد في حديثه
عن ضمانات المحاكمة العادلة أن تبدأ «الإجراءات الجنائية وتنتهي في غضون مدة معقولة،
ومعنى هذا الـشرط الأساسي هو ضرورة مراعاة التوازن بين حق المتهم في مساحة زمنية وتسهيلات
كافية لإعداد دفاعه، وضرورة البدء في نظر الدعوى وإصدار الحكم من دون أي تأخير لا مبرر
له»، كما أكد أن «المعايير الدولية تقتضي بالإفراج عن أي شخص متهم بارتكاب فعل جنائي
من الاحتجاز ريثما تتم محاكمته، إذا تجاوزت فترة احتجازه على ذمة القضية الحد الذي
يعتبر معقولاً وفقاً لملابسات الحالة»، فما بالكم والموقوف «كفيف»!
إلى سعادة النائب العام، ألم يتجاوز حبس الكفيف
علي سعد عاماً كاملاً احتياطياً الحد القانوني المعقول والمناسب؟ ولماذا لم يطبق عليه
ما كنت تقوله بشأن «ضمانات المحاكمة العادلة»؟ ولماذا لم تراعَ ظروفه الخاصة؟
أؤيَّدك القول سعادة النائب العام بشأن ما يلحق
المتهم بحبسه احتياطياً ومحاكمته من «أضرار نفسية واجتماعية كفقدان الوظيفة أو العمل،
أو تأثر الإقامة الاجتماعية والأسرية بسبب ما لحق به من أضرار بسمعته تزيد مع زيادة
مدة المحاكمة»، فما بالك وأنه من ذوي الاحتياجات الخاصة (كفيف)، ومحبوس احتياطياً منذ
عام، ولم يُحَلْ بعد للمحكمة خلافاً لنص القانون!
نحن في بلد، بها وزارة شئون حقوق الإنسان، غير
معنية بكل تلك الأمور، ومؤسسة وطنية لحقوق الإنسان همها «تلميع» صورة السلطة في الخارج
والتمتع بالسفرات المجانية في العواصم الغربية، ومؤسسات أخرى صورية تابعة لجهات هي
في الأصل متهمة بجملة الانتهاكات.
مهما كانت التهم الموجهة للكفيف علي سعد، ومهما
كانت خطورتها على رغم كونه «كفيفاً» وعاجزاً منذ سنوات، فإنه حتى الآن مواطن بريء بنص
الدستور والقانون، ولا يجوز لأية جهة أن تتعسف في حجز حريته كل هذه المدة، ولا تمتلك
أي مبررات لا قانونية ولا أخلاقية ولا إنسانية في ذلك، فأطلقوا سراحه.
هاني الفردان
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 4235 - السبت
12 أبريل 2014م الموافق 12 جمادى الآخرة 1435هـ
http://www.alwasatnews.com/4235/news/read/875251/1.html
|