ريم خليفة -
تعتبر قضايا حقوق الإنسان في الصحافة العربية هشة ودون المستوى، إذ أن
كثيراً من دول المنطقة لا تتوافر فيها آليات حقيقية للدفاع عن حقوق الإنسان، بل وتستخدم
ما يتوفر من نصوص وهيئات شكلية بصورة مطاطة إعلامياً للعلاقات العامة وللتغطية على
قوائم كبيرة من انتهاكات حقوق الإنسان في هذه البلدان
.
وما طرح في السنوات الأخيرة من حديثٍ عن أهمية حقوق الإنسان في الدول
العربية وأهمية الإعلان العالمي لحقوق الانسان ونشر هذه الثقافة في المجتمع والدولة
كان قد جاء نتيجة ضغوط دولية وليس عن قناعة من الأنظمة في البلدان العربية. وإذا ما
قرأنا تاريخ توقيع بلدان المنطقة على المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان فسنرى أن كثيراً
منها حدثت منذ زمن ليس ببعيد، بل إن المشرع العربي يتحايل في بعض الأحيان على القانون
الدولي
.
وفي هذا الجانب يرى مراقبون أن كثيراً من دول المنطقة تؤكد أنها وقعت
على المعاهدات الدولية، ولكنها لم تتخذ الإجراءات التطبيقية في الداخل، والاإجراءات
والقوانين المعمول بها معظمها تخالف الصكوك الدو،لية، والمحاكم لا تبطل أي قنانون أو
قرار مخالف لما تم اعتمادها دوليا... أي أنها تتنصل من مسئولياتها الدولية، وتنسى أو
تتناسى أن حقوق الإنسان تعتبر من القانون الدولي، وهو من القوانين الآمرة. ولهذا فإن
حقوق الإنسان تعتبر حجر الزاوية لكل الحريات التي تناضل من أجلها الأمم المتحدة
.
وبالنظر إلى معاهدات حقوق الإنسان، فهي لا تزال قاصرة في البلدان العربية
عمّا وصلت إليه في الدول المتقدمة، بينما جامعة الدول العربية لم تؤسس لمسطرة تقدّم
من خلالها تقارير تساعد في تقدم حقوق الإنسان. أضف إلى ذلك أن القضاء العربي الذي لايزال
يعيش فراغاً تشريعياً وغياب الاستقلالية خصوصاً فيما يتعلق بأحكام قضايا حقوق الانسان،
مع استمرار غياب الحقوق المدنية والسياسية والتحكم في أدوات السلطة الرابعة من أجل
مزيد من التعتيم والتوجيه الإعلامي التقليدي، وحتى على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي
.
ولعل ما يحدث حالياً في دول المنطقة يعكس أثر ذلك في كيفية التعاطي مع
المشهد السياسي الراهن داخل كل بلد، إذ يتّجه نحو مزيدٍ من مصادرة الرأي الآخر والتعددية،
وذلك من خلال إصدار أحكام قاسية أو ممارسات تنتهك حرية التعبير أو حقوق الإنسان، وهي
دون شك تنتهك المعايير الدولية
.
ان المعايير الدولية أعطتنا نوعين من القيود على حرية الرأي والتعبير،
إذ أن البند الأول ينصّ على ألا تشكل ممارسة هذا الحق تعدياً على حقوق الآخرين ،بث
الكراهية، والبند الثاني يتعلق بحماية الأمن القومي أو النظام العام. وهو بندٌ يثير
الجدل، إذ يسمح لكل دولة أن تتدخل مؤقتاً لحماية الأمن والسلامة، لكن ما يحدث في المنطقة
العربية هو ممارسات واسعة ومتعددة الوسائل ليست مؤقتة وجميعها تنتهك فيها حقوق الإنسان
تحت مظلة الأمن
.
هناك كثير من القوانين والنصوص الدستورية التي تنص على حرية الرأي والتعبير،
وفي معظم الدول هناك تشريعات أخرى لها علاقة سلبية أو قليل من الايجابية تجاه حرية
الرأي، إلا أن ما يحدث في بلدان المنطقة يكشف عن استمرار لمشهد «التعسف المستمر» في
استخدام القوانين الخاصة بحقوق الإنسان، ومنها حق الرأي والتعبير، والأمثلة لا تعد
ولا تحصى، خصوصاً أنها تفاقمت من بعد ثورات واحتجاجات العام 2011 ومستمرة حتى اليوم
.
ريم خليفة
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 4323 - الأربعاء 09 يوليو 2014م الموافق
11 رمضان 1435هـ
|