رضي الموسوي -
بقلم: رضي الموسوي
رغم أن البحرين مرت بأسبوع من الحزن والغضب فوق ما يعانيه أبناؤها من
سياسة الانتهاكات الممنهجة والقوة المفرطة والقتل خارج القانون التي أودت، ولاتزال
تودي بحياة أطفالنا وشبابنا لأنهم طالبوا ببحرين المستقبل التي نريد، إلا أن ومضات
الفرح تهب أحياناً. أسبوع فقدنا فيه ثلاثة من فلذات أكبادنا: علي العكراوي وسيد عطية
شرف وسيد محمود محسن الذي شيّع يوم أمس بحضور آلاف المواطنين رغم إغلاق مداخل سترة
وتحوّلها إلى ثكنة أمنية كبرى، رغم كل ذلك هبّ المئات من أبناء شعبنا لاستقبال معتقل
الرأي والضمير رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان الأستاذ نبيل رجب، وذلك بعد قضائه سنتين
في السجن تنفيذاً لحكم وصفه الفريق الخاص بالاعتقال التعسفي التابع للأمم المتحدة بأنه
"اعتقال تعسفي" حدث بسبب آراء رجب، هذا الرأي القانوني اعتمدته هيئات الأمم
المتحدة والمنظمات الحقوقية ذات الصلة.
في أول إطلالة له على وسائل الإعلام بعد تنفّسه هواء الحرية، أكد الحقوقي
الأستاذ نبيل رجب على الثوابت الوطنية الجامعة، وهي الثوابت التي تؤمن بها المعارضة
السياسية وتناضل من أجل تحقيقها باعتبارها مطالب الحد الأدنى لأي شعب يرنو للعزة والكرامة
والحياة الحرة الكريمة والشروع في التنمية المستدامة. وهذه جلّها يمكن أن تأتي إذا
اقتنع الحكم بوجود أزمة سياسية دستورية ينبغي حلّها والخروج من عنق الزجاجة الذي تعاني
منه البلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات، وتم الابتعاد عن محاولات استبدال الأزمة بحملات
العلاقات العامة التي زاد الصرف عليها في الآونة الأخيرة، وضاعفت من استنزاف خزينة
الدولة والمال العام، في وقت يبحث المسئولون في الدفاتر القديمة للجم تفاقم الدين العام
بزيادة الضريبة على بعض المواد الكمالية بما يرهق المواطن.
لا شك أن خروج نبيل رجب من السجن سوف يسهم في دفع العمل الحقوقي إلى الأمام،
لكونه واحداً من أبرز الناشطين الحقوقيين في البحرين ومدافعاً صلباً عن حقوق الإنسان
على المستويين الإقليمي والدولي. وهو حين يصرح بالثوابت الوطنية لحظة خروجه من السجن،
فهو يعيد التذكير بأنه لا يمكن حل الأزمة بالمعالجات الأمنية التي يذهب ضحيتها أبناؤنا
في مختلف المناطق، وأن المخرج هو سياسي دستوري بامتياز يمكن سلوكه بحوار الشجعان الذين
يضعون أيديهم على جرح الوطن ويعالجونه بمسئولية تضع بلادنا على سلم أولوياتنا. حوار
لن يبدأ باستمرار الانتهاكات، إنما بفتح أبواب ونوافذ الحريات العامة وفي مقدمها حرية
الرأي والتعبير التي حبس رجب بسبب ممارسته لها كما هي مستقرة في النظم الدولية ذات
الصلة مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية
والاقتصادية والثقافية، وأن حرية التظاهر والتجمع السلمي يشكلان جوهر هذا الحق وعمقه
وليس ترفاً ولا ديكورات كارتونية "لزوم عدة شغل" العلاقات العامة أو
"ماكياج" للديمقراطية الشكلية التي قادت إلى هذه الأزمة منذ اليوم الأول
لإعلانها.
وهنا، لا بد من تسجيل شكر وتقدير للمنظمات والشخصيات الحقوقية المحلية
والعربية والدولية التي تابعت قضية الاعتقال التعسفي لنبيل رجب وطالبت بالإفراج الفوري
عنه باعتباره سجين رأي وضمير، وندعوها للاستمرار في الدفاع عن بضعة آلاف من المعتقلين
والمطالبة بالإفراج عنهم حيث لا يزالون خلف القضبان وفي مقدمهم الأمين العام لجمعية
وعد إبراهيم شريف السيد.
مرحبا بالنبيل "أبو آدم" وهو يعانق أهله وأبناء شعبه الذي يكنّ
له كل الاحترام والتقدير لتضحياته الجسام، والرحمة للشهداء الذين يروون بدمائهم الزكية
شجرة الحرية والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية في دولة ترتفع في سمائها رايات
الحق.
|