قائمة المقالات
«لجنة الحريات الدينية» تصنف البحرين ضمن «البلدان التي تتم مراقبتها»
مجلس حقوق الإنسان في مرحلة قلقة .............. تعرض المفوض السامي إلى هجمات غير مسبوقة وغير لائقة من عدد من الدول
الاختفاء القسري في البحرين... حقيقة أم افتراء؟
التقرير الاحصائي ليوم احياء ذكرى الرابع عشر من فبراير 2017م
الاختفاء القسري انتهاك لحق من حقوق الإنسان
تقرير الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عشية محاكمة الشيخ عيسى قاسم
انتهاكات بحق حرية الدين والمعتقد
حق التظاهر
رصد انتهاكات حقوق الإنسان خلال شهر مايو 2016م
الهجمة الأمنية ضد نشطاء حقوق الانسان في البحرين
بحرين 19 تجدد مطالبتها بقانون عصري للصحافة ووقف استهداف حرية الرأي والتعبير
بحرين 19 تجدد مطالبتها بقانون عصري للصحافة ووقف استهداف حرية الرأي والتعبير
رسم بياني يوضح الإنتهاكات التي حصلت في الاسبوع الرابع من شهر يناير 2016م
رسم بياني يوضح الإنتهاكات التي حصلت في الاسبوع الثالث / يناير 2016م
رسم بياني يوضح الإنتهاكات التي حصلت في الاسبوع الثاني/ يناير 2016م
  نسخة للطباعة   شارك أصدقاءك في فيسبوك   شارك أصدقاءك في ماي سبيس                      عدد مرات القراءة:( 1511 )


عبدالنبي العكري - 


 

جاءت حادثة إبعاد رجل الدين المعروف الشيخ حسين النجاتي من وطنه البحرين يوم الأربعاء (23 أبريل/ نيسان 2014) إلى لبنان، لتطرح مجدّداً سياسة الإبعاد التي شهدتها البلاد، سواء في ظل الحماية البريطانية، أو في عهد الاستقلال، وكأنها أضحت من ثوابت السياسة في البحرين، بمعاقبة المعارضين بالنفي عن الوطن.

مارس الإنجليز النفي بحق معارضيهم في البلدان التي يسيطرون عليها، وهناك سوابق تاريخية، فقد نفوا القائد الوطني المصري سعد زغلول إلى جزيرة سيشل إثر ثورة 1919. وبالنسبة للبحرين المحمية البريطانية، فقد نفوا الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة، بعد أن وقع أسيراً لديهم، إثر سلسلة من النزاعات المسلحة مع منافسيه، وهجماته المتكرّرة على قطر، وهو ما وثقته حفيدته الشيخة مي آل خليفة. وفي التاريخ القريب قام المستشار السابق شارلز بلغريف بمحاكمة قادة الاتحاد الوطني المعارضة في محكمة خاصة بقرية البديع في نوفمبر/ تشرين الثاني 1956، إثر مظاهرات واسعة احتجاجاً على العدوان الثلاثي على مصر، وأصدر حكمه ضد القادة عبدالرحمن الباكر وعبدعلي العليوات وعبدالعزيز الشملان، بالنفي إلى جزيرة سانت هيلانة وسجنهم هناك.

لكن محكمة بريطانية، أعادت محاكمتهم وبرأتهم وأمرت حكومة البحرين بإصدار جوازات سفر لهم والسماح لهم بالعودة إلى البلاد، لكن حكومة البحرين لم تنفذ الحكم، وقد يكون ذلك بتواطؤ من الحكومة البريطانية المحرجة أمام القضاء البريطاني، وقد سبق للمستشار وحكومة البحرين أن أمرت عبدالرحمن الباكر بمغادرة البحرين في 1955 بدعوى تهدئة الأمور، وبالفعل عاش الباكر لأشهر بين بيروت والقاهرة، لكنه عاد إلى البحرين بعد اعتراف السلطات بشرعية هيئة الاتحاد الوطني، لتنفيه بعد ذلك.

وقد كان شعب البحرين يتوقع نهايةً لهذه السياسة المقيتة بعد الاستقلال، خصوصاً في ضوء العقد الاجتماعي بين الحكم وشعب البحرين بعد الاستفتاء الذي أجراه وفد الأمم المتحدة برئاسة نائب الأمين العام فيتوري جوشباردي في أوائل 1970، والذي اختار شعب البحرين بمقتضاه الاستقلال في دولةٍ تحترم حقوقه وسيادة البلاد. وبالفعل فقد ترتب على التحضيرات لإجراء أول انتخابات نيابية في 9 ديسمبر/ كانون الأول 1973 بعد إقرار أول دستور للبلاد، عودة الكثير من المنفيين المعارضين بعد عفو ضمني. لكن جرى الرجوع لسياسة النفي بحق المعارضين مجدّداً في السبعينيات، فألغيت جوازات الكثير من الطلبة والمقيمين البحرينيين في الخارج، لإجبارهم على العودة إلى البلاد ومواجهة مخاطر على حياتهم أو البقاء في الخارج بحكم المنفى من دون أيه حقوق للمواطنة.

وقد تفاقمت سياسة النفي أثناء انتفاضة التسعينيات حيث أسقطت الجنسية عن مئات من البحرينيين من الأصول الإيرانية، وصودرت وثائقهم الثبوتية، وأركبوا «لنجات» خشبية متوجهة إلى إيران، والبعض إلى دبي، حيث انتهى الأمر بهم لاجئين هناك. كما عمدت السلطة إلى منع رجوع مواطنين معارضين من دخول البحرين حال وصولهم إلى مطارها الدولي بالمحرق، والتحقيق معهم ثم إبعادهم بجوازات سفر محدودة المدة والبلدان، ومن هؤلاء عبدالجليل النعيمي وعبدالله الراشد وحميد عواجي وعبدالهادي الخواجة، كما قامت بنفي شيوخ الدين الثلاثة، الشيخ علي سلمان والسيد حيدر الستري والشيخ حمزة الديري، إلى بريطانيا في أوائل 1995، حيث ظلوا هناك لاجئين سياسيين، حتى صدور العفو العام في بداية العهد الجديد في 2001.

لقد أتاح العفو العام الصادر عن الحاكم الجديد صاحب العظمة الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة (جلالة الملك لاحقاً)، للمئات من البحرينيين المهجرين أو اللاجئين في الخارج وخصوصاً في إيران وبلاد الشام وبريطانيا وغيرها، الرجوع إلى البلاد واسترجاع وثائقهم البحرينية الثبوتية، بل وأمر حينها بإرسال طائرة خاصة مع ممثل عنه، وزير النفط عبدالحسين ميرزا، إلى إيران لجلب أكثر من مئة مهجر بحريني، وجرى إقامة احتفال رسمي ضخم في فندق الخليج في 2001 لتسليمهم جوازات السفر، فيما يشبه الإقرار بالخطأ الفادح المرتكب ضدهم وتصحيحه.

ورغم ما حدث من تراجعات في مجال الإصلاح، ورجوع الدولة للكثير من الممارسات القديمة ومنها والقمع ومصادرة الحريات، والتمييز الطائفي والسياسي وغيره، فلم يكن أحد يتوقع العودة إلى سياسة إسقاط الجنسية والنفي بحق المعارضين السياسيين، لكن أسوأ كوابيس الوطنيين البحرينيين قد تحققت عندما جرى إسقاط الجنسية عن 31 شخصية سياسية وحقوقية معارضة في 7 نوفمبر 2013، ووجد من كانوا منهم في الخارج منفيين قسراً في بلاد الشتات، فيما وجد من كان منهم حينها في البحرين، من دون جنسية ولا وضع قانوني سليم، حيث النفي مسلط على رقابهم، رغم وجود قضية أحدهم أمام المحكمة كنموذج للآخرين.

وقد جرى اختبار سياسة النفي مرةً أخرى بحق رجل الدين النجاتي، الذي أسقطت جنسيته قبل ذلك في سبتمبر/ أيلول 2010، ثم أعيدت إليه، بعد ضغوط محلية ودولية في نوفمبر 2010، واعتقد الكثيرون أن المسألة قد طويت، حتى بعد إسقاط الجنسية عنه مجدّداً ضمن مجموعة الواحد والثلاثين.

لكن من الواضح أن ما كنا نأمل به ونعتبره مرحلةً للمصالحة بين الشعب والحكم، وتوافقاً على مشروع وطني، قد تبدّد، وأن العقيدة الرسمية لم تتغيّر كثيراً، فمن ليس معنا فهو ضدنا، ومن نعتبره ضدنا عرضةٌ لكل شيء بما في ذلك النفي، وهي أقسى أنواع العقاب بحق الإنسان، لأنه يقتلع الإنسان من وطنه، ويسلبه روحه، ويجعله يعيش حياة اغتراب، في المنفى القاسي، وقد يدفعه لتقديم تنازلات مهينة للعودة إلى وطنه، ما يترك ندوباً عميقة في نفسيته.

لقد عشت حياة المنفى لعقودٍ وأعرف ما أقول، والكوابيس تلاحقني تكراراً خوفاً من الموت في المنفى، كما لا أنسى الإذلال الذي تعرّضت له من قبل سلطة سفارات البحرين أولاً، لإصدار أوراق ثبوتية لابني، وكذلك سلطات أكثر من بلد عربي وأجنبي، في الاعتراف بهويتي، وتمكيني من السفر والتنقل. وكم احتجزت في مطارات عدة بسبب ذلك، لكن ما جرى لمنفيين بحرينيين آخرين أسوأ من ذلك، فقد أرجعت جثثهم من البحرين إلى حيث انطلقت من السويد وسورية مثلاً. كما مات البعض حسرةً على فراق الأهل والوطن، وجرى سجن البعض في بلدان أخرى لمخالفتهم قوانين الإقامة، فيما سلم آخرون إلى سلطات الأمن في البحرين ليلاقوا العذاب.

رحلة المنفى للبحرينيين قاسيةٌ ومؤلمةٌ، وتستحق التوثيق والتكييف القانوني لمحاسبة من تسبّبوا بإلحاق الأذى بآلاف البحرينيين. لكن مطلوب الآن من الحكم في البحرين أن يدرك خطورة هذه السياسة وتبعاتها سواء بالنسبة للحكم، سواء بالعزم على تسوية وطنية ومكانته في المجتمع الدولي، أو على هؤلاء المواطنين ومعاناتهم، والتي تستثير ردود فعل غاضبة سواءً من أهاليهم وعموم الناس، أو المنظمات الحقوقية البحرينية والدولية، وستجد المعارضة نفسها محرجةً في الدخول في أية حوارات مع السلطة في ظل استمرار سياسة النفي والإكراه ومحاولات الإذلال.

وهكذا سيستمر الاستعصاء والبقاء في النفق المظلم، وهو ليس في صالح الحكم ولا الشعب.

عبدالنبي العكري

صحيفة الوسط البحرينية - العدد 4256 - السبت 03 مايو 2014م الموافق 04 رجب 1435هـ


مقالات الكاتب
مجلس حقوق الإنسان في مرحلة قلقة .............. تعرض المفوض السامي إلى هجمات غير مسبوقة وغير لائقة من عدد من الدول
شكراً لمن ساندني في المسيرة الحقوقية على مر التاريخ
لماذا يستمر التعذيب في البحرين؟
لن نكون شهود زور
ما أقسى المنفى
كيفية التعاطي مع بعثة المفوضية السامية لحقوق الإنسان
المؤتمر الدولي الرابع عشر لمكافحة الفساد

تعليقات على المقال
 
1
اضف تعليقك

اسمك  
البريد الالكتروني   (اختياري) 
الدولة  
عنوان التعليق  
تفاصيل التعليق  

الرجاء كتابة الكود الظاهر.