منصور الجمري -
عندما بدأت مساء أمس الأول (السبت) عملية عرض قوائم الناخبين في المحافظات الخمس وفق المراكز الخمسة التي حددتها اللجنة التنفيذية للانتخابات، وما يتطلبه من عرض أسماء الناخبين وأرقامهم السكانية ودوائرهم والمجمعات التي يقطنونها، لوحظ أن الإقبال كان ضعيفاً في عدة مراكز، ولعلَّ السبب في ذلك هو الوضع الأمني الذي بدأ يسيطر على أحاديث الناس ومجالسهم، وهناك انتشار الكثير من الإشاعات والمخاوف من ممارسات هنا وهناك، إضافة إلى محاولات مستميتة لتشطير المجتمع بشكل لا يخدم البحرين وأهلها.
من الطبيعي إذاً أن تأخذ الانتخابات مقعداً خلفياً، ويخف الحديث والاهتمام بالقوائم الانتخابية والمرشحين، ولاسيما في المناطق المتأثرة بالأحداث الأمنية بصورة مباشرة، وهذا قد يتغير مع امتصاص الهزة التي حدثت منذ مطلع رمضان حتى الآن، وفي اعتقادي فإن أفراد المجتمع كافة سيلتفتون إلى الانتخابات، ولكن آثار ما يحدث حالياً ستبقى معنا لفترة قد تطول.
قبل ثلاث سنوات (في رمضان العام 2007)، كانت «الوسط» قد طرحت عدة أسئلة على عدد من الجمعيات السياسية، وقال بعضهم حينها إنه ينتظر مرور وقت على فترة البرلمان الثانية، وإن الصورة ستتضح بعد مرور سنتين أو أكثر. والأسئلة التي طرحناها آنذاك تدور حول أمور عديدة مثل: ما هي أجندات الجمعيات السياسية على أرض الواقع؟ ما هي القضايا الأساسية التي يهتم بها الناس؟ ما هي آثار ما يحدث في بلدان أخرى على البحرين؟ ما أثر مجريات السياسة العالمية على تحديد الأجندات؟ ما مدى اقتراب الأجندات المحلية من الأجندات العالمية المشروعة التي وافقت عليها مملكة البحرين، مثل «أجندة الألفية»؟ الأجوبة كانت غير واضحة حينها، ولكننا عندما طرحنا الأسئلة ذاتها قبل نهاية العام الماضي وجدنا وضوحاً أكثر لدى بعض الجمعيات المشاركة في العملية السياسية، وأعتقد أن الوضوح جاء بسبب نجاحات في العملية السياسية، ونحن نحتاج إلى تلك النجاحات لأن تظهر الآن من خلال الإمساك ببعض جوانب الأمور لكي لا تتحول الساحة إلى إحباط قاتل.
إن قلوبنا تتمزق حزناً في هذه الفترة، ولاسيما بالنسبة إلى من وضع يده في يد جلالة الملك العام 2001 وعمل جاهداً على إنجاح مشروع الإصلاح بعد أن وافق الناس عليه، بكل السبل. لقد عشنا سنوات جميلة رأينا البحرين التي كانت تعيش فترات حالكة تنتقل إلى التفاؤل وإلى التلاقي في كل مكان، ورأينا كيف رفعت سيارة جلالة الملك في سترة وفي المحرق، ورأينا الاحتفاء بكل كلمة قالها جلالته للتأكيد على أن عجلة الإصلاح لن تتوقف. نعم هناك الإخفاقات والعراقيل، وهي تحدث في كل مكان، ولكن أملنا أن لا نرى عودة الماضي البائس، وندعو الشباب للاستماع إلى منطق العلماء والعقلاء، وأن يلتزم الجميع بحكم القانون ونظام المؤسسات، وأن ننضوي تحت الشرعية السياسية.
|