منصور الجمري -
«ديجافو»، déjà vu، عبارة فرنسية مستخدمة في اللغة الإنجليزية، وهي تصف حالة يشعر بها الإنسان عندما يمر بحدث ما، بحيث يستدرك المرء مع نفسه قائلاً «لقد مررت بهذا الوضع من قبل»... والعبارة تصف الاستغراب من تكرار الأمر ويشعر الإنسان بأنه ألف الحدث من قبل.
وهذا الأسبوع هو الأخير قبل الانتخابات (في يوم السبت المقبل 23 أكتوبر/ تشرين الأول)، وشهدت الفترة خلال الأسابيع والأشهر الماضية أحداثاً مكررة وأخرى مريرةلم يتوقعها أحد. بعض الأحداث المكررةمررنا بها قبيل انتخابات 2006. حينها مثلاً تم حل جمعية الشفافية؛ لأنها خططت كثيراً (آنذاك) من أجل مراقبة الانتخابات عبر الاستعانة بخبرات من الخارج، وعبر ورش تدريبية، ولذا تم تركيعها وتحجيمها، وجمعية الشفافية لم تستطع العودة إلى قوتها السابقة رغم إخلاص قيادتها الحالية، وذلك بسبب الضربات الموجعة جداً التي تلقتها. ونشهد حالياً كيف تم حل مجلس إدارة الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان قبيل انتخابات 2010؛ لأنها أيضاً اضطلعت في برامج عديدة وورش عمل لتدريب ناشطين ومشاركة جهات ذات توجه مماثل في الشأن الحقوقي والانتخابي، وليس معلوماً ما ستؤول إليه الجمعية بعد الضربات الموجعة التي وجهت إليها.
أيضاً، في العام 2006، وقبيل الانتخابات تم طرد المعهد الوطني الديمقراطي (إن دي آي)، وحالياً صدرت بيانات تحذر وتنذر أي مؤسسة مشابهة، سواء جاءت من أميركا أو الدنمارك أو أي بلد آخر من دخول البحرين، وصدرت تحذيرات مباشرة لبعض الناشطين في هذا المجال.
حديث الجهات المعارضة مكرر أيضاً، ولذا نسمع ونقرأ مطالبات بإلغاء المراكز العامة والحديث عن توزيع الدوائر، ويمكن للمرء أن يقرأ خبراً صدر في العام 2006 ولن يجد فيه أي فرق عن 2010. يندرج الأمر على أمور أخرى أيضاً، وهي تدخل ضمن شعور الـ «ديجافو» المرتبط بالانتخابات.
ولكن، كما ذكرت، فإننا نمر بفترة عصيبة لم تشهدها البحرين من قبل، وهي ترتبط بتغيير الاستراتيجية الأمنية (منذ 13 أغسطس/ آب 2010) وطريقة التعامل مع بعض الأحداث واعتماد خطاب رسمي يحتوي على مصطلحات لاتتناسب مع الإصلاح. كما سوف نشهد بدء محاكمة المتهمين الـ 23 في يوم الخميس 28 أكتوبر (بعد خمسة أيام من انتخابات 23 أكتوبر)، وهذا الحدث ليس له علاقة بشعور الـ «ديجافو»؛ لأنه لم يحدث منذ بدء المشروع الإصلاحي في 2001، ولذا فإن المجتمع - بمختلف فئاته واتجاهاته - سعى إلى استيعاب الصدمة، ومن ثم مراجعة الظروف بحثاً عن سبيل للتعامل مع المستجدات التي تحمل معها تبعات عديدة.
ولذا فإن هناك «حنين» حالياً لفترة ما قبل 13 أغسطس، ولكنه شعور عاطفي أكثر منه واقعي، فما كان قبل 13 أغسطس قد لا يعود أبداً... بعض من الأمور لا نريد رؤيتها، مثل الحرائق والتخريب، ولكن حيوية المجتمع المدني المستقل، والحريات العامة بالمستوى الذي كانت عليه نود عودتها، ومن حقنا أن نحنَّ إليها.
|