منصور الجمري -
لم يكد ينهي الوفد التقني للمفوضية السامية لحقوق الإنسان زيارته للبحرين،
إلا وقد بدأ وفد منظمة العفو الدولية زيارته لمدة أسبوع، انتهت يوم الخميس (8 مايو/
أيار 2014).
وفد المفوضية قضى شهرين في البحرين وقفل عائداً إلى جنيف لكتابة تقريره،
ومن ثم رفعه إلى المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي، وهذه الزيارة كانت مؤجلة
عدة مرات، منذ اندلاع الأحداث في 2011.
أما زيارة منظمة العفو الدولية فقد جاءت بعد نحو عام من طلب المنظمة زيارة
البحرين، وقضى الوفد أسبوعاً واحداً التقى خلاله بالأطراف المعنية بحقوق الإنسان على
المستويين الرسمي والأهلي.
في هذا الوقت بالذات، صدر قرار مجلس الوزراء بتسليم ملف حقوق الإنسان
إلى وزارة الخارجية، بدلاً من وزارة شئون حقوق الإنسان، وكلف وزير الخارجية بتعيين
أعضاء اللجنة التنسيقية العليا لحقوق الإنسان، وهي اللجنة التي ستتفاعل – نيابة عن
الحكومة – مع الجهات الدولية المتابِعة لحقوق الإنسان في البحرين.
هذه الاستعدادات تأتي قبيل انعقاد الدورة المقبلة لمجلس حقوق الإنسان
في جنيف يونيو/ حزيران المقبل (2014)، وهي دورة تمهّد في مداولاتها إلى الدورة التي
ستتبعها في سبتمبر/ أيلول 2014، إذ من المتوقع أن تقدم الحكومة تقريراً طوعيّاً عن
مدى تنفيذها لتوصيات جنيف التي صدرت في العام 2012.
وهناك اتجاهان متضاربان حول طريقة التعامل مع الملف الحقوقي، أحدهما يقول
باختصار «طز» في مجلس حقوق الإنسان والمنظمات الدولية والجهات الأخرى في الدول الحليفة،
مثل الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي.
هذا الاتجاه هو السائد حتى الآن، وهو يجازف ويكابر، بل ويشتم هذه الجهات،
ويتهمها بصورة مباشرة وغير مباشرة بأنها أما تحالفت مع إيران والمعارضة من أجل المساس
بسمعة الجهات الرسمية، أو أنها تستقي معلوماتها من جهات مشبوهة.
الاتجاه الآخر أكثر عقلانية، وهو يرى ضرورة التعامل مع الجهات الدولية
المعنية بحقوق الإنسان، والاستجابة إلى الحد الأدنى من مطالبها، مثل إفساح المجال لزيارة
وفد تقني للمفوضية، وتعديل قانون المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تمهيداً لإعادة تشكيلها
بما يتسق مع المعايير الدولية... إلخ، وإن هذا سيعطي فرصة لتخفيف الضغط من قِبل الدول
الصديقة ومن الجهات الدولية.
ولكنني أعتقد بأن النهج الأفضل للتعامل مع الملف الحقوقي هو الاستغناء
عن شركات العلاقات العامة التي تنهك الموازنات، والاعتراف بالمشكلة من دون لفّ أو دوران،
والبدء بتصحيح الوضع الحقوقي عبر تنفيذ توصيات بسيوني وتوصيات جنيف بصورة موثوقة وجادة
ومقنعة للجهات الدولية، التي تراقب الوضع.
يضاف إلى ذلك، إن تصحيح الوضع الحقوقي – كما أشارت إلى ذلك لجنة تقصّي
الحقائق – سيكون بادرة إيجابية ومباشرة لا لبس فيها، وذلك من أجل معالجة الوضع السياسي
بصورة شاملة.
منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 4263 - السبت 10 مايو 2014م الموافق
11 رجب 1435هـ
|