منصور الجمري -
الاتحاد الدولي للصحافيين أسس له قبل عام أو عامين مقراً في البحرين، وانطلقت من هذا المقر لجنة للصحافة الأخلاقية (آداب المهنة الصحافية)، على أساس أن البحرين هي الدولة الأفضل في الخليج العربي لاحتضان هذه المبادرة، على أن يتم تعميم التجربة على باقي دول الخليج في حال نجاحها، واحتسبت المبادرة تكريماً للبحرين على المسافات التي قطعتها فيما يتعلق بحرية التعبير وبفتح التنافس أمام الصحافة.
ولكنني أعتقد لو أن الاتحاد الدولي للصحافيين بعث ببعض مسئوليه إلى البحرين ليسمعوا ويروا ويقرأوا ماينشر في الصحافة والتلفزيون فلربما يتغير رأيهم، لأن هناك تجاوزات صارخة... فالمواد الإعلامية موجهة توجيهاً منظماً ضد فئات وجهات وشخصيات محددة من المجتمع بشكل يناقض دستور مملكة البحرين الذي يقول في المادة (20) مايلي:
«(أ) لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليها... (ب) العقوبة شخصية... (ج) المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمّن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة وفقاً للقانون... (د) يحظر إيذاء المتهم جسمانياً أو معنوياً... (هـ) يجب أن يكون لكل متهم في جناية محامٍ يدافع عنه بموافقته... (و) حق التقاضي مكفول وفقاً للقانون».
غير أن المادة (20) تنتهك يومياً على مرأى ومسمع الجميع، ولا من ينادي بضرورة احترام الدستور (أبو القوانين)، بل إن العقوبة في البحرين لم تعد «شخصية»، فالطائفة والفئة والجهة التي ينتمي إليها المتهم (وهو مازال متهماً لم يقدم لمحاكمة) كلها مذنبة، على الرغم أن دستور مملكة البحرين وكل الشرائع الدولية تحرم العقوبات الجماعية وتحرم تجريم المتهم قبل أن تنتهي المحاكمة ويحرم التشهير به أو بعائلته أو بطائفته أو بجماعته... ماذا حدث في البحرين منذ مطلع رمضان الجاري ليتم إلغاء العمل بالمادة 20 من دستور مملكة البحرين؟
ثم، ألم تعتمد مملكة البحرين العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بحسب القانون رقم 56 لسنة 2006؟ أوليس هذا القانون ملزماً وقد صدر في «الجريدة الرسمية» قبل أربع سنوات، بالضبط في 12 أغسطس/ آب 2006؟ لماذا يتم مخالفة مواد هذا القانون؟
المادة (5) من هذا القانون تنص على أن: «ليس في هذا العهد أي حكم يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على حق لأي دولة أو جماعة أو شخص بمباشرة أي نشاط أو القيام بأي عمل يهدف إلى إهدار أي من الحقوق أو الحريات المعترف بها في هذا العهد... الخ».
آن الأوان لاحترام دستور مملكة البحرين ولتطبيق حكم القانون الذي يرفض العنف والتخريب والحرائق، كما يرفض انتهاك حقوق المواطنين، ويرفض أي شكل من أشكال العقاب الجماعي والقذف والتشهيروتشطير المجتمع و تحريض هذا على ذاك.
|