منصور الجمري -
الضوابط التي تشترط حالياً بالنسبة إلى وجوب تواجد عنوان المرشح في الدائرة التي يترشح فيها ليست عقلانية، لأنها ضوابط توحي بأن البحرين ليست أرضاً واحدة وليست بلداً واحداً وليست شعباً واحداً... كما أن هذه الضوابط لم تكن موجودة في انتخابات المجلس التأسيسي في 1972 أو في انتخابات المجلس الوطني في 1973. وأنا أعرف شخصياً أن الأستاذ عبدالله المدني (رحمه الله) رشح نفسه وفاز في دائرة خارج جدحفص (في 1973)، بينما كان يعيش في جدحفص، وكذلك الشيخ عباس الريس (رحمه الله) رشح نفسه وفاز في دائرة خارج الدراز (في 1973)، وهو كان يعيش في الدراز. كما أن هناك العديد من الذين فازوا في انتخابات المجلس الوطني ممن اندرج في الإطار نفسه، وهو الأمر المتعارف عليه ديمقراطياً في مختلف البلدان.
وعليه، فإن اشتراط أن يكون عنوان المرشح في الدائرة التي سيترشح فيها ليس له أي سند حتى في تاريخ البحرين. فالبحرين في مطلع السبعينيات من القرن الماضي كانت تمارس العملية السياسية كما هو حال البلدان الأخرى، أما اليوم فيتم فرض ضوابط وإجراءات على أسس غير معروفة، بل إنها تضر بمفهوم وحدة الأرض البحرينية ووحدة الشعب البحريني.
ولو دققنا في الاشتراطات الموضوعة على المرشح، فإنها لا تصلح حتى لبلد كبير مثل البرازيل بغاباته الأمازونية، فكيف تم تصميمها لبلد صغير مثل البحرين. لعل الاشتراطات يقصد منها التحكم فيمن سيرشح نفسه، بحيث لا يستطيع شخص غير مرغوب فيه أن يرشح نفسه في منطقة ما.
ولو نظرنا إلى التضييق الشديد والقاسي جداً على عنوان المرشح، وننظر إلى موضوع آخر وهو اعتماد أربعين دائرة وعشرة مراكز عامة (مجموع 50 منفذاً للتصويت)، فإنه لا يمكن فهم التضييق الشديد من جانب «عنوان المرشح»، ومن ثم الإكثار في الدوائر والمراكز العامة إلا كونها «مخترعات لا توجد في مكان آخر» لها هدف معين لم يتم الإعلان عنه بعد. والمشكلة أن المرشح حالياً لا تنقصه فقط المعلومات بشأن كشوف الناخبين وحدود دائرته، وإنما قد يكتشف بين ليلة وضحاها أن عنوانه قد انتقل إلى دائرة أخرى... ولاسيما نحن نشاهد كيف تختلق مجمعات، ونرى كيف يتم تغيير مسمى مناطق سكنية جديدة، وكيف يتم تقسيم شارع واحد في منطقة واحدة على أكثر من دائرة. إن ضوابط تحديد عنوان المرشح لا تخدم أي غاية عقلانية واضحة، وهي حالياً تفرض على المرشحين الغربة عن وطنهم.
|